خصائص القاعدة القانونية
القاعدة القانونية عامة ومجردة
معناه أن القاعدة القانونية تكون عبارة عن خطاب موجه إلى الأشخاص بصفة عامة ومجردة، فهي لا توجه إلى شخص أو أشخاص معينين بالذات، ولا إلى واقعة أو وقائع محددة بالذات. فإذا وضعت القاعدة لشخص معين بذاته أو لواقعة مقصودة بذاتها فإنها لا تكون والحالة هاته قاعدة قانونية؛ لأن الخطاب القانوني يجب أن يكون عاما ومجردا وموجها للعموم.وتطبيقا لذلك تعد قاعدة قانونية عامة ومجردة ما نص عليه الفصل 77من ق.ل.ع الذي يقرر ما يلي: " أن كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا للغير التزم مرتكبه بالتعويض".ففي هذا المثال نجد أن المشرع لم يوجه النداء لشخص محدد بذاته ولا إلى واقعة معينة، وإنما لفرد مجرد، وتطبيقا للفصل السالف فكل شخص ارتكب خطأ نتج عنه إحداث ضرر إلا وترتب عنه تحميل المتسبب في هذا الضرر بتعويضه.وكذلك نجد قواعد القانون الجنائي موجهة إلى عموم الأفراد حيث تنطبق على كل من يرتكب جريمة تدخل في نطاق أحكام هذا القانون.وتجدر الإشارة أن التجريد يسبق العموم لأن التجريد يكون في مرحلة صياغة ووضع القاعدة القانونية، فحينما يريد المشرع وضع قاعدة معينة يضعها ويتصورها بطريقة غير شخصية، بمعنى أنها غير موجهة لشخص بعينه أو واقعة بذاتها، وبالتالي فلا يمكن لقاعدة غير مجردة تطبق تطبيقا عاما.وحتى تكون القاعدة مجردة وعامة موجهة إلى العموم، فإن المشرع أثناء صياغته لها يأخذ بالوضع الغالب الذي تتقاسمه أكثرية الناس دون النظر إلى الظروف والحالات الشاذة التي يتفرد بها بعض الأشخاص، ومن هنا يمكن أن نستحضر الفصل 209من مدونة الأسرة التي نصت على أن تحديد سن الرشد القانوني يكون في ثمان عشرة سنة شمسية كاملة، حيث راعى في ذلك متوسط سن النضج العقلي للغالبية العظمى من الأفراد. وإلا فإن هناك تفاوتا بين الناس في هذا المجال، فمنهم من يبلغ نضجه لإبرام التصرفات القانونية قبل هذا السن، ومنهم من يتجاوزه دون أن يتحصل الأهلية والدراية الكافية لمباشرة حقوقه ومصالحه. غير أن القانون يقيم نوعا من التوازن بين هؤلاء وأولئك فيقرر الوضع الشائع الذي يشهد بكمال أهلية الأشخاص في الغالب عند تمام الثماني عشرة سنة وما سواه شذوذ والشاذ لا حكم له.لكن أحيانا القاعدة القانونية تكون موجهة لفئة معينة ومن أمثلة ذلك، ان يصدر القانون خاصا بفئة معينة كتوجهه للنساء فقط: كما هو الحال بالنسبة لإجازة الأمومة، فرغم هذا التقييد للأشخاص المخاطبين بها، فإنه ليس له تأثير على خاصية التجريد، ونفس الشيء يجري على القواعد القانونية المتعلقة بالأساتذة الجامعيين والموثقين إلى غيرهم. فمختلف هذه القوانين وشبهها عبارة عن قواعد عامة ومجردة ما دامت يوجه خطابها لأشخاص معينين بأوصافهم لا بذواتهم؛ بل إن كثيرا من القواعد ما يتوجه خطابها لشخص واحد معين بصفته لا بذاته ومثاله المقتضيات الدستورية التي تحدد سلطات الملك وصلاحيات رئيس الحكومة فهي تتمتع بخاصية التعميم والتجريد مع أنها معدة للسريان على شخص واحد وهو من يتعين للمنصب سواء كان ملكا أو رئيس حكومة.ومن أهـم النتائج المترتبة عن خاصية العمومية، تتمثل في كونها تكرس لمبدأ الشرعية، حيث يتبين أن كل المواطنين هم متساوون أمام مقتضيات وأحكام القانون سواء كانوا حكاما أم محكومين، ولعل هذا ما يخلق الطمأنينة لكل المواطنين ويشعرون بالأمن والأمان.القاعدة القانونية قاعدة سلوك
كما سبق وأشرنا أنه لا يمكن أن يوجد مجتمع بدون قانون، ولا قانون بدون مجتمع، من أجل تنظيم علاقات الأفراد وتوجيه سلوكهم الخارجي.فالقاعدة القانونية تهدف إلى ضبط سلوك الأفراد في المجتمع، فكل الأشخاص ينبغي أن يسيروا على نهج وعلى سلوك معين داخله، فترسم لهذا السلوك حدودا معينة لا يتعداها، فكل الأعمال والأقوال في نطاق هذه الحدود يقرها القانون بصرف النظر عن نية فاعلها. وبالعكس كل الأعمال والأقوال الخارجة عنها يجرمها القانون.والقانون حينما يتوجه بأمر أو نهي يقيد بهما سلوك المخاطبين به في ظروف محددة، إنما يهدف إلى تحقيق حرية أو تأكيد حق أو حماية مصلحة معتبرة في المجتمع.فسلوكيات الأفراد قد تكون إيجابية أي بادية للعيان أو ملموسة كالسرقة والاعتداء والدعارة .... وقد تكون سلبية غير مرئية وعندها نكون أمام أنشطة غير ملموسة، ومع ذلك يؤاخذ الفرد من أجلها، كالامتناع عن تقديم المساعدة لشخص مهدد، أو الامتناع عن أداء الضرائب، فهنا المخاطب يتابع مع أنه لم يقم بأي تصرف ملمو1بما أن القاعدة القانونية تخاطب السلوك الخارجي فهي لا تهتم بالنوايا والأفكار والنفس الإنسانية لاستحالة الإحاطة بها؛ وفي ذلك نجدها تختلف عن غيرها من القواعد الأخلاقية والدينية، إذ أن هذه الأخيرة تهتم بالنوايا الداخلية وتعد أصحاب النوايا الحسنة بالأجر الأخروي.غير أن القاعدة القانونية لا تخاطب النوايا ولكن ذلك ليس بصفة مطلقة، فهناك الكثير من الحالات أخذ المشرع بالجانب الباطني ومثالا على ذلك في القانون المدني أن المعاملات يجب أن تكون بحسن نية وفي حالة ما إذا ثبت سوء نية المتعاقد فإنه يعاقب في هذه الحالات، ويكون جزاؤه إبطال تعاقده على أساس الغش أو التدليس أو الغلط.القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية
القانون والمجتمع لفظان متلازمان، فالقانون ثمرة المجتمع فهو ينشأ من تطورات وتحولات بيئته (القانون ابن بيئته). وبما أن القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية، فإنه يترتب عن ذلك أن القانون لا يمكن أن يثبت على حالة واحدة بل هو متطور في الزمان و متغير بحسب المكان، لكونه ينظم علاقات اجتماعية تختلف من مكان لآخر ومن زمان لآخر، فهو متطور بتطور المجتمع لكي يستجيب لمتطلباته الجديدة ، و يمكن لنا أن نستحضر هنا أيضا الثورة الحقوقية التي تعرفها بلادنا على جميع الأصعدة و في مختلف المجـالات و التي أدت بالمغرب إلى المصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تخص المرأة ،الطفل و الأجراء.....، وبالتالي انعكس ذلك حتما على الترسانة التشريعية مما أدى إلى صدور قوانين مهمة في السنوات الأخير مثال على ذلك مدونة الأسرة لسنة ، 2004فبالرغم من أن المشرع أدخل العديد من التعديلات على مدونة 1957سنة 1993إلا أنه عاد وصاغ مدونة جديدة سنة 2004حتى تتماشى والمرحلة التي عرفها المجتمع المغربي من تطور على صعيد جل المستويات، وبالتالي لم ينأى مجال الأحوالالشخصية عن هذه التحولات. بالإضافة إلى ذلك، صدر قانون محاربة العنف ضد النساء ،2وكذلك قانون العمال المنزليين ،3وذلك تكريسا لتماشي القاعدة القانونية مع التحولات التي يعرفها المجتمع. وفي المجال المدني صدر قانون الضمانات المنقولة4الذي يعمل على تشجيع المؤسسات على الإستثمار عن طريق تسهيل ولوج المقاولات إلى مختلف مصادر التمويل المتاحة، عبر تقديم الضمانات المنقولة المتوفرة لديها.فالقانون إذن هو انعكاس لكل مجتمع، لعقيدة أي مجتمع، لاقتصاد أي مجتمع، لفلسفته ولحريته.القاعـدة القانونية قاعـدة ملزمة
يقصد بهذه الخاصية أن القاعدة القانونية تضع أوامر ونواهي واجبة الاحترام منذ نشأتها مما قد يترتب على مخالفتها توقيع الجزاء من طرف السلطة العامة التي أنيط بها ذلك، مثلا الفصل 13 من القانون الجنائي ينص: "تطبق على البالغين ثمان عشرة سنة كاملة العقوبات والتدابير الوقائية المنصوص عليها في هذا القانون.تطبق في حق الأحداث الجانحين القواعد الخاصة المنصوص عليها في الكتاب الثالث من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية".2فكل قاعدة قانونية ملزمة للأفراد المخاطبين بحكمها، لأن القانون لا يقدم النصائح، ولا يعبر عن التمنيات أو التوصيات وإنما يضع أوامر واجبة الطاعة. وهذا ما دفع ببعض الفقهاء إلى تعريف القانون بأنه أوامر لازمة بالضرورة والإطلاق.5فطالما أن قواعد القانون تعمل على تنظيم الروابط الاجتماعية فإن تحقيق هذه الغاية لا يتسنى إدراكها إلا بوجود شعور عام لدى الجماعة بضرورة الانصياع إلى حكم القانون، فوجود القاعدة المنظمة للسلوك يقترن بوجود شعور عام بضرورة احترامها، ومن هنا تكتسب تلك القاعدة صفة الإلزام داخل الجماعة. فالجزاء المقرر على مخالفة القاعدة القانونية، يسمح بضمان احترام القانون والأمن الاجتماعي.والسلطة العامة6هي التي لها سلطة فرض احترام القاعدة القانونية، إلا أن هذا الجزاء يختلف من قاعدة لأخرى، وعلة هذا الاختلاف إنما هو تحقيق غاية معينة تتمثل في ضرورة تناسب الجزاء مع ما تأمر به كل قاعدة. ولهذا يختلف جزاء قواعد القانون الجنائي عن جزاء قـواعـد المدني عن جزاء قواعد القانون الإداري.الفقرة الأولى: الجزاء الجنائي Sanction pénale
تماشيا مع مبدأ" لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني" الذي ينص عليه الفصل الأول من القانون الجنائي المغربي والذي جاء فيه ما يلي " يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم، بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي، ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات وتدابير وقائية." وانطلاقا من هذا الفصل فالأفعال غير المنصوص عليها في التشريع الجنائي لا يمكن أن تعتبر جرائم وهذا ما نجده في الفصل 3من القانون الجنائي " لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون". كما أنه لا يمكن معاقبة أحد بمقتضى فعل لا يكون معاقب عليه أثناء فعله،75- عن مازو كاربونييه وأوبير عند الأستاذ محمد جلال السعيد و بعدها سطارك، ص 33-6السلطة التشريعية: تعمل على تشريع القانون ووضع الأنظمة واللوائح ممثلة في البرلمان؛السلطة التنفيذية: تعمل على تنفيذ ساسة الحكومة وإدارة شؤون البلاد الداخلية والخارجية ممثلة في الحكومة؛ السلطة القضائية: ممثلة في القضاء من أجل فصل النزاع بين الناس.كما أن في حالة ارتكاب شخص جريمة وصدر قانون بعدها ينفي الصفة الجرمية عن ذلك الفعل فإن العقوبة المحكوم بها على ذلك الشخص يجعل لها حد.8وأهمية العقوبات تختلف بحسب خطورة الفعل المرتكب، وبهذا الصدد يصنف القانون الجنائي العقوبات إلى أصلية وأخرى إضافية.9فالعقوبات الأصلية حسب الفصل 14من القانون الجنائي المغربي هي التي يسوغ الحكم بها وحدها دون أن تضاف إليها عقوبة أخرى، أما العقوبة الإضافية فلا يحكم بها وحدها، وإنما تضاف إلى عقوبة أصلية وذلك إما أن تكون بقوة القانون أي ولـو لم يقع النص عليها صراحة في الحكم وهي حسب الفصل 36ق.ج، الحجر القانوني ، 10التجريد من الحقوق الوطنية ،الحرمان المؤقت من ممارسة بعض الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية والحرمان النهائي أو المؤقت من الحق في المعاشات التي تصرفها الدولة و المؤسسات العمومية . وهذه العقوبات الثلاث تسمى عقوبات تبعية لأنها تكون تابعة للعقوبات الأصلية بقوة القانون، أو بحكم القاضي .والعقوبات المطبقة في القانون الجنائي المغربي هي الواردة في الفصول 18، 17 ،16و 38من ق.ج. بحيث لا يمكن إضافة أية عقوبة غير العقوبات المنصوص عليها قانونا.11وتصنف العقوبات بصفة عامة إلى ثلاثة أصناف إما عقوبات ناتجة عن جنايات أو عقوبات ناتجة عن جنح أو عقوبات ناتجة عن مخالفات.-1العقوبات الجنائية الأصلية:
8تعد من أخطر الجرائم وقد حددها الفصل 16من ق.ج م في:- الإعدام؛- السجن المؤبد؛- السجن المؤقت من خمس سنوات إلى ثلاثين سنة؛- الإقامة الإجبارية12؛- التجريد من الحقوق الوطنية.13-2العقوبات الناتجة عن الجنح:وهي العقوبات الجنحية و تم التنصيص عليها في الفصل 17ق.ج .م و هي:- الحبس؛12 - حسب الفصل 25من القانون الجنائي " لإقامة الإجبارية هي أن تحدد المحكمة مكانا للإقامة أو دوائر محددة لا يجوز للمحكوم عليه الابتعاد عنها بدون رخصة طوال المدة التي يحددها الحكم بحيث لا يقل عن خمس سنوات متى كانت عقوبة أصلية. ويبلغ الحكم بالإقامة الإجبارية إلى الإدارة العامة للأمن الوطني التي يجب عليها أن تتولى مراقبة الإقامة المفروضة على المحكوم عليه. وفي حالة الضرورة يجوز لوزير العدل أن يسلم للمحكوم عليه رخصة مؤقتة للتنقل داخل القطر." 13 - حدد الفصل 26التجريد من الحقوق الوطنية وبالتالي فإنه يشمل:- - | عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية؛حرمان المحكوم عليه من أن يكون ناخبا أو منتخبا وحرمانه بصفة عامة من سائر الحقوق الوطنية والسياسية ومن |
حق التحلي بأي وسام؛ | |
- | عدم الأهلية للقيام بمهمة عضو محلف أو خبير وعدم الأهلية لأداء الشهادة في أي رسم من الرسوم أو الشهادة أمام |
القضاء إلا على سبيل الإخبار فقط؛ | |
- - | عدم أهلية المحكوم عليه لأن يكون وصيا أو مشرفا على غير أولاده؛الحرمان من حق السلاح ومن الخدمة في الجيش والقيام بالتعليم أو إدارة مدرسة أو العمل في مؤسسة للتعليم كأستاذ |
أو مراقب؛ | |
والتجريد من الحقوق الوطنية عندما يكون عقوبة أصلية، يحكم به لزجر الجنايات السياسية ولمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات مالم تنص مقتضيات خاصة على خلاف ذلك". |