أخر الاخبار

حماية حقوق الأجراء الشخصية

حماية حقوق الأجراء الشخصية



      حماية الحقوق الأجراء الشخصية، بنحساين ، قانون الشغل، بحث حول الحقوق الأجراء الشخصية، اين تتجلى حقوق الاجراء الشخصية؟ و ما هي حقوق الاجراء الشخصية ؟ ضمان حقوق الأجراء في عقد الشغل . 

 ’’ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۚ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ’’ ، هكذا اتخذ الله جل و علا ’’الحق’’، كاسم من أسماءه الحسنى، و صفة من صفاته العليا، و مؤدى ذلك أن معنى الحق  كما أورده جلال الدين السيوطي في تفسير الجلالين هو الثابت العدل ، وهو نقيض الباطل.

و قد اختلف فقهاء القانون في تعريفهم للحق، و ذلك لكثرة الحقوق و تنوع تفريعاتها، ما صعب عليهم الاتفاق على رأي واحد، و على العموم يمكن تعريف الحق بأنه:’’ ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطريقة قانونية ويكون له بمقتضاها الحق في التصرف متسلطا على كال معترف له بصفته مالكا أو مستحقا له"

فللحقوق إذن ارتباط وثيق بالإنسان و بمعاشه ووسطه الأسري و العائلي و المهني، و هذا ما يؤكده تعريف منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأنها: ’’ حقوق متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو مكان إقامتهم، أو نوع جنسهم، أو أصلهم الوطني أو العرقي، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر. إن لنا جميع الحق في الحصول على حقوقنا الإنسانية على قدم المساواة وبدون تمييز. وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة’’ ، و مدلول هذا التعريف أن الحقوق كثيرة و متعددة، إلا أن ما يهمنا في إطار هاته الدراسة الحقوق الشخصية للإنسان في إطار علاقة الشغل، و تحديدا حقوق الأجير الشخصية.

و يمكن تعريف حقوق الشخصية بأنها:’’ مجموعة من القيم التي تثبت للإنسان باعتبارها مقومات شخصية الأمر الذي يجعلها تضمن للشخص حماية شخصية في مظاهرها المختلفة’’ ، كما يمكن تعريفها بأنها:’’ مفهوم فلسفي و قانوني في نفس الآن، و يضم الحق في الحياة، و الأمن، و السلامة الجسدية، و حق التجول، و الحق في احترام الحياة الخاصة و حرمة المنازل و سرية المراسلات’’ ، كما عرفها بعض الفقه بأنها: ’’ الحقوق التي تثبت للفرد باعتباره إنساناً وهي تستهدف حماية كيانه ومقوماته سواء من الناحية المادية أم من الناحية المعنوية’’ .

و على العموم يلاحظ أن جل التعريفات التي أعطيت للحقوق الشخصية، تتفق على ربط هاته الحقوق بشخصية الإنسان، تبلور ما له من صلاحيات و سلطات على كيانه و شخصه.  وعلى هذا الأساس قسم الفقه هاته الحقوق إلى ثلاثة أصناف، صنف يبلور شخصية الإنسان من حيث مكوناتها الذاتية المتجلية للعالم، كالحق في الحياة و الحق في السلامة الجسدية، و صنف آخر ينطوي على المقومات المعنوية لشخصية الانسان في ارتباط وثيق مع كرامة الإنسان و شرفه و حرية معتقداته و سمعته و اسمه المتفرد به عن غيره من بني البشر، و بين هذين الصنفين يبرز صنف ثالث يجسد الدينامية و الحركية في شخصية الإنسان، كالحق في الزواج و حرية التفكير. 

و تجدر الإشارة إلى أن هاته الحقوق ذات طبيعة خاصة إذ لا تقدر بمال و غير قابلة للتفويت، كما أنه لا يطالها التقادم، و هي حقوق مطلقة يمكن الاحتجاج بها ضد كل من يريد الاعتداء عليها، و من ثمة لا يجوز لأي كان أن يمس الحقوق الشخصية للإنسان، الأمر الذي تؤكده الأعراف الكونية، و القوانين الوطنية، التي سارعت لحماية هاته الحقوق.

و ارتباطا بموضوع البحث الذي نحن بصدد سبر أغواره، فإن الحقوق الشخصية للأجراء، تطرح عدة إشكالات منها ما هو مرتبط بضعف الترسانة القانونية الحامية لحقوق للأجير و تشتتها، و منها ما هو مرتبط بتعسفات المشغل هاته الحقوق و التي لا يملك الأجير معها حيلة سوى اللجوء للصمت و الكتمان، بفعل احتياجه لفرصة العمل و لمورد رزق قار، و في ظل السلطة التي يملكها المشغل عليه.

و هنا تبرز لنا أهمية الموضوع النظرية و المتمثلة في ضعف و تشتت القواعد القانونية الحامية لحقوق الأجير في مواجهة الاعتداء المتكرر عليها من لدن المشغل، و كذا ندرة الأبحاث و الدراسات في هذا الموضوع، الأمر الذي ينعكس حتما على العمل القضائي الذي يجد نفسه مضطرا في كل مرة إلى إعمال اجتهاده في النوازل المعروضة عليه في هذا الصدد.

أما أهمية الموضوع العملية فتتجلى في تنامي تضمين عقود الشغل شروطا تعسفية تنطوي على الحد من سلطة الأجير في التمتع بكافة حقوقه الشخصية، بل منها ما هو إقصائي ينزع إلى التمييز بين الأجراء.

و انطلاقا مما سبق تتبلور لنا إشكالية الموضوع المتمثلة في: مدى توفق المشرع المغربي في توفير الضمانات القانونية لحماية حقوق الأجير الشخصية؟

و تتفرع عن هاته الإشكالية إشكاليات فرعية متمثلة أساسا في :

هل هناك قواعد قانونية تحمي حقوق الأجير الشخصية في مرحلة تكوين عقد الشغل؟

هل هناك مقتضيات قانونية رادعة للاعتداءات المتكررة للمشغل على الحقوق الشخصية للأجراء أثناء مرحلة تنفيذ العقد؟

و للإجابة على هاته الإشكاليات رأينا أنه من الأجدر الاعتماد على المنهج التحليلي لما يوفره من أدوات تساهم في تفكيك النصوص القانونية التي تساهم في تكريس حماية حقوق الأجراء الشخصية، تفكيكا يبين جوهرها و غايتها.

كما أنه من اللازم مقارنة المقتضيات القانونية التي بلورها المشرع المغربي بغيرها من المقتضيات القانونية في التشريعات العالمية، للوصول إلى مدى تفوق و مدى قصور المشرع المغربي في حماية حقوق الأجراء الشخصية، و هذا لن يتأتى إلا بتوظيف التقنيات التي يوفرها المنهج المقارن.

و لتناول هاته الإشكاليات و الإجابة عنها إجابة ترفع الغموض و اللبس، ارتأينا أن نقسم الموضوع إلى مبحثين:

المبحث الأول: ضمانات حماية حقوق الأجراء الشخصية في عقد الشغل.

المبحث الثاني: حماية حق الأجير الشخصي أثناء مزاولة شغله.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -