أخر الاخبار

العقوبات البديلة في التشريع المغربي و المقارن

 العقوبات البديلة في التشريع المغربي و المقارن



أظهرت العقوبات السالبة للحرية عجزا في مكافحة الإجرام والجريمة سيما في الجرائم البسيطة قصيرة المدة، الأمر الذي حدا بالتشريع الجنائي المغربي مستفيدا من دراسات علم الإجرام بإبداع نظام قـانوني بديل يتمثل في بدائل العقوبات .
 1 السالبة للحرية التي ظلت التشريعات الجنائية تأخذ بها في وضع سياستها بشأن التجريم والعقـاب صيتا واسعا على المستوى الدولي والوطني حيث عرفها بعض الفقه بأنها " ّ وقد عرفت العقوبات البديلة في الآوانة الأخيرة 2 الجزاءات الأخرى التي يضعها المشرع أمام القـاضي لكي تحل بصيغة ذاتية أو موازية محل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة" كما تطور مفهوم وفـلسفة العقوبة عبر الزمن حيث كان الهدف الأساسي من العقوبة في مرحلة سابقة هو التنكيل بالمجرم وإيلامه، ولكن سرعان ما ظهرت دراسات جديدة تبين بأن هذه الطريقة في العقـاب لم تعد مجدية وأصبح الأمر يتعلق بأنسنة الإنسان ومعاملته بشكل يغير سلوكه ويعيده من جديد إلى المجتمع ، ومعها تغير مفهوم وفـلسفة العقوبة وأصبح الهدف من هذه الأ خيرة هو إعادة إدماج مرتكبي الجرائم مع المجتمع لأن المجرم في نهاية المطاف إنسان، وهكذا أصبحت فـلسفة العقوبة تتطور حتى ظهر ما يصطلح عليه في التشريع الجنائي ببدائل العقوبات السالبة للحرية. 
وتظهرر الأهمية القصوى لبدائل العقوبات السالبة للحرية في النتائج والآثار المترتبة عليها والتي منها حل مشكل اكتضاض السجون وعدم إرهاق ميزانية الدولة ، وكذا وقـاية مرتكبي الجرائم البسيطة قصيرة المدة من عيش تجربة السجن وذلك بالنظر لما تخلفه هذه الأخيرة من تأثير نفسي واجتماعي على السجين وأسرته خصوصا عندما يتعلق الأمر بسجين من الأحداث. ولقد جاءت بدائل العقوبات نتيجة لمجموعة من الإرهاصات والنتائج السلبية التي تخلفها العقوبات السالبة للحرية، مما أدى بالمشرع الجنائي المغربي و وعيا منه بأهمية هذه البدائل ، فقد أناطها بترسانة قـانونية مهمة من خلال الفصول 1-35 إلى الفصل . 3 14-35 من مشروع القـانون الجنائي الجديد ومما لا شك فيه أن تغيير معالم السياسة الجنائية المعاصرة كان لها انعكاس مباشر على مفهوم العقوبة ، فـإذا كان الهدف الرئيسي من إقرارها في السابق يتجلى في تحقيق الردع بنوعيه العام والخاص ، فـإن هذا المفهوم التقـليدي عرف تطورا كبيرا ينسجم والتطور الذي عرفه المجتمع الإنساني في سائر نواحي الحياة، وأصبح تبعا لذلك مفهوم العقوبة لا ينحصر في عملية إيداع

المتهم بالمؤسسة السجنية لقضاء الفترة المحكوم بها عليه، وإنما الأمر يتعدى ذلك وأصبح يتوخى من إقرار العقوبة إعادة تأهيل . 4 المعتقـل وتأطير سلوكياته حتى يعود فردا صالحا لنفسه و لمجتمعه ومن هذا المنطلق يمكن طرح الإشكالية التالية ما مدى جدوى العقوبات البديلة وما مدى ملائمتها للخصوصيات المكونة للمجتمع المغربي؟ وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات هي على الشكل التالي:  ما هي أسباب اللجوء إلى هذه البدائل ؟  وما هي أنواعها وفق المشروع الجديد للقـانون الجنائي المغربي وبعض التشريعات المقـارنة ؟  و ما هي المؤسسات الساهرة على تطبيقها والآثار المترتبة عنها؟ ومحاولة منا للإجابة على كل هذه التساؤولات ولأجل الإحاطة أكثر بهذا الموضوع ، إرتأينا أن نقسمه إلى مبحثين اثنين وذلك على الشكل التالي:

المبحث الأول العقوبات البديلة كتصور جديد لفـلسفة العقوبة المبحث الثاني المؤسسات الساهرة على تطبيق العقوبات البديلة وآثارها على كل من الجهاز القضائي والمؤسسات السجنية



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -