أخر الاخبار

شروط قبول الدعوى

شروط قبول الدعوى


         المقصود بشروط قبول الدعوى المقتضیات التي یتطلبھا القانون في كل دعوى لتكون مقبولة كمحل للعمل القضائي . ذلك أن الدعوى كإجراء مقصودٍ بھ طلب الحمایة القانونیة لا یشترط لقبولھا أن یثبت الحق ابتداء لطالب ھذا الإجراء لأن الالتجاء إلى القضاء یفترض المنازعة في الحق فلا یسوغ القول إن ثبوت الحق شرط لقبول ذلك الطلب. لذلك انتھى الفقھاء إلى القول إن قبول الدعوى شكلا ، أي بصفة مبدئیة ، لا یلزم لھ أن یثبت سلفا قیام الحق المدعى بھ ، وإنما یكفي فیھ أن تتوافر للمدعي مصلحة ظاھرة . ھذه المصلحة ، التي لا یكفي توافرھا لقبول الدعوى إلا إذا كانت مطلوبة لفائدة المدعي . فإذا كان المدعي یھدف بدعواه إلى تحقیق مصلحة لغیره دون أن تعود علیھ بفائدة شخصیة، لا تقبل دعواه . لذلك اتفق الفقھ أن الشرط الثاني من شروط قبول الدعوى ھو أن یكون رافع الدعوى ھو صاحب الحق نفسھ أو تكون لھ ولایة التحدث عن صاحب الحق ، وھذا ما یسمى بالصفة . غیر أن مباشرة الدعوى لما كانت تصرفا قانونیا تترتب علیھ نتائج قانونیة، كان من اللازم أن یكون رافع الدعوى مكتمل الأھلیة . ومن ھنا كان الشرط الثالث من شروط قبول الدعوى ھو توافر الأھلیة في مباشر الدعوى . وقد نص المشرع المغربي في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنیة على ھذه الشروط الثلاثة واعتبرھا من متعلقات النظام العام یجوز للأطراف إثارتھا في أیة مرحلة من مراحل التقاضي، وعدم توافر إحداھا یؤدي إلى الحكم بعدم قبول الدعوى . ینص الفصل المذكور: "لا یصح التقاضي إلا ممن لھ الصفة والأھلیة والمصلحة لإثبات حقوقھ. یثیر القاضي تلقائیا انعدام الصفة أو الأھلیة أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروریا، وینذر الطرف بتصحیح المسطرة داخل أجل یحدده . إذا تم تصحیح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنھا أقیمت بصفة صحیحة، وإلا صرح القاضي بعدم قبول الدعوى".

المبحث الأول : شرط المصلحة 

     المصلحة ھي الفائدة التي تعود على المدعى من دعواه . وتتجلى في حمایة الحق أو اقتضائھ أو الاستیثاق لھ أو الحصول على ترضیة مادیة أو أدبیة . والمصلحة لیست شرطا في الدعوى فقط ، بل في كل دفع یثیره الخصم كذلك . فلا یمكن للمدعى علیھ أن یتمسك بشرط وضع لمصلحة غیره، كما لابد من توافر المصلحة في ممارسة طعن من الطعون. والمصلحة المعتد بھا ھي المصلحة القانونیة، أي التي لا تخالف النظام العام ولا القانون وتستند على حق أو مركز قانوني یكون الغرض من الدعوى حمایتھ. فلا تكفي المصلحة الاقتصادیة كأن یطلب تاجر فسخ عقد شركة تأسست وفتحت محلا بجواره بدعوى أنھا نافستھ في تجارتھ وأخذت زبنائھ. غیر أنھ یمكن أن تكون المصلحة أدبیة أو معنویة كما في طلب إلزام صاحب صحیفة بنشر تكذیب خبر مس بشرف المدعي . كما یشترط أن تكون المصلحة شخصیة ، أي أن تتعلق بالطالب نفسھ لا بشخص آخر ما لم تكن لھ النیابة على الغیر فتقدم الدعوى باسم الغیر. وأن تكون قائمة أو محتملة احتمالا یغلب فیھ الوقوع. وقیام المصلحة یجب أن یستمر من وقت رفع الدعوى إلى حین صدور الحكم النھائي فیھا. ولقاضي الموضوع كامل الصلاحیة في تقدیر قیام المصلحة أو تقدیر زوالھا أثناء نظر الدعوى، إذ یتوقف على بقاء المصلحة قبول الدعوى.

 المبحث الثاني : شرط الصفة 

      الصفة ھي علاقة الشخص المدعى بالشيء المدعى بھ ، والتي تعطیھ الصلاحیة في الادعاء بھ أمام القضاء . وكما تشترط الصفة في المدعي تشترط كذلك في المدعى علیھ . فلا تقبل دعوى أداء من شخص غیر دائن ، ولا تقبل دعوى النفقة من غیر الزوجة، ولا یمكن رفع دعوى إبطال عقد من شخص لم یكن طرفا فیھ ، ولا یمكنھ طلب إفراغ دار لا یملكھا ولا ینوب عمن یملكھا ، ولا یمكن أن یُطلب أداء تعویض عن ضرر من شخص لم یرتكب الفعل الذي أحدث الضرر أو لیس مسؤولا عن مرتكبھ. وھو ما یعبر عنھ بوجوب رفع الدعوى من ذي الصفة على ذي الصفة . ویجب على من یرفع الدعوى أن یبین في مقالھ الصفة التي رفع بھا الدعوى ، ھل یتقاضى أصالة عن نفسھ أو نیابة عن غیره مع بیان نوع النیابة ، كما علیھ أن یدلي بالوثیقة التي یثبت بھا صفتھ ھذه . وبالنسبة للشخص الاعتباري یتعین أن ترفع الدعوى باسمھ في شخص ممثلھ مع ذكر ھذه الصفة وعلیھ، إذا لم تتوافر الصفة لا تقبل الدعوى. فإذا كان رافع الدعوى لا یدعي الحق لنفسھ ولا یدعي أنھ ینوب عن صاحب الحق الذي یطلبھ فإن الدعوى لا تقبل مھما كانت مصلحة المدعي في صدور الحكم في الدعوى واضحة . الشيء الذي یعني أن المصلحة لا تكفي وحدھا لتخویل الشخص الحق في الدعوى إن لم تقترن بالصفة . 

المبحث الثالث : شرط الأھلیة 

     الأھلیة من الناحیة المسطریة ھي صلاحیة الشخص لأن یرفع الدعوى وأن ترفع ضده . ومبدئیا لا تقبل دعوى من غیر ذي أھلیة أداء كاملة ، ما عدا الزوجة القاصرة في الدعاوى ضد زوجھا والناتجة عن زواجھا كطلب النفقة أو الحضانة إن طلقت، والقاصر المرَشد ، والمأذون بالتجارة فیما یتعلق بتجارتھ ، والقاصر عامة ضد ولیھ بالنفقة لأنھا من باب جلب المنفعة التي لھ الحق في اكتسابھا دون مساعدة النائب. ونُذكّر أن الجزاء الإجرائي الذي یرتبھ القانون على تخلف أحد ھذه الشروط في الدعوى -أو في المطالبة القضائیة- ھو عدم القبول الذي یترتب علیھ الامتناع عن الفصل في موضوع الدعوى إلى حین توفر الشرط المتخلف ومعاودة الإجراء من جدید بشروطھ تامة وصحیحة. وقد نبھ الفصل الأول المذكور من ق م م القاضي بأن لا یبادر إلى الحكم بعدم القبول إلا بعد إنذار الطرف بتصحیح المسطرة داخل أجل یحدده . ومن ھنا یتضح أن عدم القبول ھو تكییف قانوني لطلب مقدم إلى المحكمة یؤدي إلى امتناعھا عن النظر في الادعاء الذي یتضمنھ الطلب.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -